ج ٦، ص : ٩٣٨
حسن أو سيىء، فكل عمل يحمل فى كيانه الجزاء الذي يستحقه صاحبه، على أية صورة من الصور.. وليس من الحتم اللازم، بل ولا من المطلوب المستحبّ أن يكون الجزاء من جنس العمل، كمّا ونوعا وكيفا.. فقد يكون العمل ماديّا وجزاؤه روحيّا نفسيّا.. وقد يكون من نوع ما، ويكون جزاؤه مماثلا له ولكن من نوع آخر، ثم قد يكون كمّا من نوع معيّن، فيقع جزاؤه موزعا فى أنواع متعددة من الجزاء..
وفى الحياة الدنيا شواهد كثيرة لهذا.. فى جانب الأعمال الصالحة، وفى جانب الأعمال السيئة، على السواء..
ونضرب لهذا مثلا لكل جانب من هذين الجانبين :
رجل من عباد اللّه الصالحين، أقام نفسه على طريق الحق، والخير..
يؤدى حقوق اللّه، وحقوق العباد.. فيصلى، ويصوم، ويزكى، ويقول كلمة الحق ولو أصابه منها ضرّ وأذى، ولا يطفف الكيل، ولا يخسر الميزان..
هكذا سيرته وشأنه فى الحياة، وتلك سيرته مع الناس.. ثم يرى مع ذلك فى حال من ضنك العيش، وضيق الرزق، ثم قد يكون إلى ذلك مبتلى بآفة فى جسمه، أو علّة فى ولده.!
لا شك أن ظاهر الحال ينبىء هنا عن أن هذا الإنسان شقى، وأنه لم يجن من صلاحه وتقواه إلّا هذا البلاء الذي هو فيه! فأين هو الجزاء الحسن للعمل الحسن ؟ وأين هى ثمرة الإحسان التي يجنيها من زرع الإحسان ؟
والجواب، الذي ينطق به لسان الحال، أنه لم يجن من إحسانه غير الشوك والحسك، الذي أدمى يديه، ونزف دمه!