ج ٦، ص : ٩٦٥
الطغيان : مجاوزة الحدّ فى الشر، وبلوغ الغاية فى العدوان والبغي.. ومنه الطاغية، والطاغوت..
ويعمهون : من العمه، والعمه : ما يصيب البصيرة من عمى فلا تهتدى إلى طريق الحق والخير أبدا..
والآية الكريمة تشير إلى موقف المشركين من النبىّ الكريم، وأنهم فى إمعانهم فى تكذيبه وتحدّيه، كانوا يسألون اللّه أن ينزل عليهم مهلكات من السماء، إن لم يكن ما جاءهم به محمد هو الحق من عند اللّه، وذلك ليكون مقطع الفصل فيما بينهم وبينه.. فإن يكن ما يقوله الحقّ أهلكهم اللّه، وأخذهم بدعائهم، وإن لم يكن حقّا لم يصبهم شىء، وافتضح أمره فيهم.. هكذا سوّلت للمشركين أنفسهم، وهكذا أعماهم ضلالهم، حتى طلبوا لأنفسهم البلاء، وتمنّوا العذاب.. ولو كانوا على شىء من العقل والحكمة لكان لهم فى مجال التمنيات ما هو أسلم وأحسن، ولقالوا مثلا : اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فاهدنا إليه.. ولكنها الجهالة والعمى والضلال.. « ومن يضلل اللّه فلا هادى له ».
قوله تعالى :« وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ ».
. المراد بالناس هنا مشركو قريش، الذين طلبوا إلى اللّه أن يعجل لهم العذاب، كما يقول اللّه سبحانه وتعالى عنهم فى آية أخرى :« وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ » (٥٣ ـ ٥٤ : العنكبوت) واللّه سبحانه وتعالى لا يأخذهم بالعذاب، والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم فيهم،