ج ٦، ص : ٩٨٩
شأنه، وما يصنع من هذا النبات.. أليس هو هو الإنسان ابن الماء والطين ؟ ثم أليس هذا الإنسان الذي هو محصول هذا الماء، ومنبت ذلك الطين، يصير حصيدا هشيما، كما يصير النبات ابن الماء والطين حصيدا هشيما ؟
إن التطابق بين الصورتين على هذا التصوير المعجز، هو آية من آيات اللّه.. ليس فى مقدور بشر أن يمسك بخيط من خيوط نسجه المحكم الرائع! وهل هذا كل ما هنالك من هذا الإعجاز فى هذه الصورة ؟ ومعاذ اللّه أن ينفد إعجاز كلامه، أو ينقطع جنى ثمره، على مدى الأزمان، وعلى كثرة الواردين والطاعمين.
انظر فى قوله تعالى :« فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ »..
وأكاد أدعك لتكشف عن سرّ هذا النظم، الذي جعل اختلاط نبات الأرض بالماء، ولم يجعل اختلاط الماء بالنبات.. هكذا :« فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ »، على ما يقتضيه مفهوم النظر الإنسانىّ لهذه الظاهرة..
فالماء هو الذي يختلط بنبات الأرض، ويسرى فى كيانه، فيبعث فيه الحياة، ويخرجه من عالم الموات.. هكذا نرى، وهكذا نقدّر! ولكنّ عين المقدرة ترى مالا نرى، وتعلم مالا نعلم! فإن كنت تنكر هذه القدرة، أو تشك فى هذا العلم، فهات قدرتك، واستحضر علمك، وقل لى ماذا ترى هناك ؟ وماذا تعلم مما بين الماء والنبات ؟..
أيهما المختلط وأيهما المختلط به ؟ وأيهما الفاعل وأيهما المفعول به ؟
ودع عنك ما أنت فيه من نظر، وعلم..
وانظر فى كلمات اللّه تلك، وخذ العلم الحق منها.
ولن أدعك كما قلت لك.. بل سأنظر معك، وأتلقى العلم فى صحبتك!