ج ٧، ص : ١٠٢
قوله تعالى :« وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ » هو بيان لصفات أخرى من صفات المؤمنين، بعد أن تأكد إيمانهم باللّه، ووفاؤهم بعهوده ومواثيقه.. فقد مدحهم اللّه سبحانه وتعالى بأنهم « يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ » والذي أمر اللّه ـ سبحانه ـ به أن يوصل، هو الإيمان.. فهم بإيمانهم باللّه بعد أن أصبحوا فى عالم الأشباح، وصاروا أهلا للتكليف ـ هم بهذا قد وصلوه بإيمانهم الذي كان منهم وهم فى عالم الأرواح.. وهذا ما أمر اللّه به أن يوصل، إذ كانت دعوة الرسل إلى الإيمان باللّه، دعوة إلى وصل هذا الإيمان، بإيمان الفطرة المستكنّ فيها.
ولهذا ذمّ اللّه سبحانه الكافرين بأنهم قطعوا ما أمر اللّه به أن يوصل، فخانوا بهذا، عهد اللّه، ونقضوا ميثاقه، وفى هذا يقول الحق جل وعلا :« إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٦ ـ ٢٧ البقرة).. ويقول سبحانه :« وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ » (٢٥ : الرعد) فالكافرون قد نقضوا عهد اللّه الذي معهم، بعد أن جاءهم رسله ليوثّقوه، ويذكّروا به، وهم بهذا الكفر قطعوا ما أمر اللّه به أن يوصل، وهو أن يصلوا إيمان الفطرة المركوز فيهم، بإيمان الدعوة على يد الرسل.. وهم بهذا الكفر قد أصبحوا أدوات هدم، وإفساد، فى كيان المجتمع الإنسانى. كما يقول سبحانه :