ج ٧، ص : ١١٧
لتضمنه الطلب، كما قال صلى اللّه عليه وسلم :« أفضل الدعاء : الحمد للّه » فسمّى الحمد دعاء، وهو ثناء محض، لأن الحمد يتضمن الحب والثناء، والحب أعلى أنواع الطلب للمحبوب!.
ثم يقول ابن القيم :
« وتأمل كيف قال « تعالى » فى آية الذكر :« وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً » وفى آية الدعاء :« ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً » فذكر التضرع فيهما معا، وهو التذلل والتمسكن، والانكسار، وهو روح الذكر والدعاء..
وخص الذكر بالخفية لحاجة الذكر إلى الخوف، فإن الذكر يستلزم المحبة ويثمرها ولا بدّ، فمن أكثر من ذكر اللّه أثمر له ذلك محبته، والمحبة ما لم تقترن بالخوف، فإنها لا تنفع صاحبها، بل تضره، لأنها توجب الإدلال والانبساط وربما آلت بكثير من الجهال المغرورين إلى أنهم استغنوا بها عن الواجبات، وقالوا : المقصود من العبادات إنما هو عبادة القلب، وإقباله على اللّه ومحبته له، وتأليهه له.. فإذا حصل المقصود، فالاشتغال بالوسيلة باطل! « فإن من سلك هذا المسلك انسلخ عن الإسلام العام كانسلاخ الحبة عن قشرها..
« وسبب هذا، عدم اقتران الخوف من اللّه، بحبه وإرادته (أي كونه مريدا له).
ولهذا قال بعض السلف :« من عبد اللّه بالحب وحده، فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده، فهو حرورى « ١ »
ومن عبده بالرجاء وحده، فهو مرجىء « ٢ »،
_________
(١) الحروري : نسبة إلى فرقة من فرق الخوارج، تعرف بالحرورية، الذين يقولون بالقدرة المطلقة للعبد.
(٢) المرجئة : من الفرق الخارجة على الملة الإسلامية، وهى التي تتعلق بالرجاء من غير عمل.


الصفحة التالية
Icon