ج ٧، ص : ١٢٣
والكفر ـ فذلك مشيئته فيهم.. « وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ » وليس لمخلوق أن يعترض على ما أراد الخالق به! « أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ.. تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ »..
قوله تعالى :« أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا ؟ ».
اليأس : هو القنوط، وفقدان الرجاء.
والاستفهام هنا تقريرى، يراد به أخذ اعتراف المؤمنين باليأس من إيمان هؤلاء المشركين، وقطع الرجاء فى أن يكونوا يوما من المؤمنين.. وأنه إذا كان عند المؤمنين بقيّة من أمل فى إيمان هؤلاء الذين اتخذوا آيات اللّه هزوا وسخرية، والذين كلما تليت عليهم آيات اللّه زادتهم كفرا على كفر، ورجسا على رجس ـ إذا كان عند المؤمنين بقية من أمل فى إيمان مثل هؤلاء، فليقطعوا حبل الرّجاء، وليكونوا على يأس من أن يؤمنوا.. وأنّه إذا سأل سائل منهم : لما ذا لا يرجى من هؤلاء المشركين إيمان، ورسول اللّه فيهم، وآيات اللّه تتلى عليهم ؟
فهذا جواب ما سألوا عنه :« لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً » وهؤلاء المشركون لم يرد اللّه أن يطهّر قلوبهم من الشرك! فإذا بقي بعد هذا من يسأل :« ولما ذا لم يرد اللّه أن يطهّر قلوبهم هم بالذات.. وقد طهّر قلوب كثير من إخوانهم الذين كانوا مشركين مثلهم فآمنوا واهتدوا ؟ » كان فى قوله تعالى :« أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً »، الجواب الذي لا تعقيب عليه.. فتلك هى مشيئة اللّه فى عباده..
« فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ » (٧ : الشورى).. « هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ » (٢ : التغابن).. وهؤلاء المشركون هم ممن حقت عليهم كلمة اللّه.. « أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ، أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ؟ » (١٩ : الزمر).
ونقرأ الآية الكريمة بعد هذا.
« وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى..


الصفحة التالية
Icon