ج ٧، ص : ١٢٦
ولو جاءهم قرآن يتلى عليهم، فتطل منه هذه الآيات الكونية المجسمة، يرونها بأعينهم، ويلمسونها بأيديهم :« وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ».
(٧ : الأنعام) وثانيا : الذين يعجبون لهذا الحكم الذي حكم به على المشركين.. سواء أكانوا من المؤمنين أو من المشركين.. وهؤلاء وأولئك جميعا، يلقاهم قول الحق سبحانه وتعالى :« بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً ».
. فلتخرس الألسنة، ولتخضع الرقاب! وثالثا : المؤمنون الذين كانوا لا يزالون على طمع فى أن يلحق بهم آباؤهم أو أبناؤهم، أو أزواجهم، أو إخوانهم، من هؤلاء المشركين ـ هؤلاء المؤمنون مطلوب منهم أن يريحوا أنفسهم باليأس من إيمان هؤلاء الذين يطمعون فى إيمانهم، وأن يستمعوا لقوله تعالى :« أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا ؟ »..
ورابعا : هذا اليأس الذي وقع فى نفوس كثير من المؤمنين الذين كانوا يطمعون فى أن يلحق بهم أهلوهم وإخوانهم، وأن يخرجوا من ظلام الكفر إلى الهدى والإيمان ـ هذا اليأس قد ترك مرارة وأسى فى نفوس المؤمنين، فكان قوله تعالى :« أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً » ـ كان ذلك عزاء لهم، إذ كانت تلك إرادة اللّه فيهم.. كما يقول سبحانه للنبى الكريم :« إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ » (٥٦ : القصص) وكما يقول له سبحانه :
« وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ » (١٠٣ : يوسف) وكما يقول له سبحانه أيضا :« إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ » (٣٧ : النحل).