ج ٧، ص : ١٢٩
قوله تعالى :« وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ » ـ هو عزاء للنبى الكريم، ومواساة كريمة له.
لما كان يصيبه من أذى، يلقى به إليه قومه، بلا مبالاة وبغير حساب.. فالرسول ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ ليس أول من دعا إلى الخير فلقى الأذى، ومدّ يده بالهدى، فردّ السفهاء يده.. فلقد سبقه إلى ذلك كثيرون من رسل اللّه، مستهم من أقوامهم البأساء والضرّاء.. ولكن اللّه سبحانه أملى لهؤلاء السفهاء، أي أمهلهم، وأفسح لهم فى الحياة وزينتها، ثم أخذهم أخذ عزيز مقتدر.. كما يقول سبحانه :« فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ » (٤٠ : العنكبوت).
ـ وفى قوله تعالى :« فَكَيْفَ كانَ عِقابِ ».
. وعيد لهؤلاء المشركين من قريش، وإلفات لهم إلى ما أخذ اللّه به الظالمين قبلهم : وإنه لعقاب أليم..
وبلاء محيط، يهلك الحرث والنسل..
قوله تعالى :« أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ.. » الاستفهام هنا إنكارى.. والهمزة بمعنى أىّ.. والتقدير : أىّ أحق بالعبادة، من هو قائم على كل نفس بما كسبت، فيعلم سرها وجهرها، ويجزيها على ما تعمل من خير أو شر، أم تلك الآلهة التي ولدتها الأوهام والضلالات ؟.
وقد حذف المعادل لهمزة التسوية استخفافا به، وهوانا له، وتنزيها للّه سبحانه أن يقارن به شىء من خلقه، أو من ضلالات خلقه. ولهذا جاء النظم القرآنى عارضا قدرة اللّه، وأنه القاهر فوق عباده، القائم على كل نفس بما كسبت.. ضاربا عن ذكر الآلهة التي افتراها المفترون، وعبدها المشركون الضالون..


الصفحة التالية
Icon