ج ٧، ص : ١٤٩
ولا يستوحشوا منهم، أو يأنفوا الانقياد لهم، إذا كانوا من قوم غير قومهم، ومن أمة غير أمتهم.
والمراد بلسان قومه، جنسهم، ولغتهم التي يتعاملون بها، إذ كان اللسان هو أداة اللغة وترجمانها.. وإذ كانت اللغة هى التي تكشف عن وجه الإنسان، وعن الأمة التي ينتمى إليها.
ـ وفى قوله تعالى :« لِيُبَيِّنَ لَهُمْ » إشارة إلى الحكمة التي من أجلها جاء الرسول إلى كل أمة، منها، وبلسانها، حتى يفهموا عنه ما يقول حين يتحدث إليهم « لِيُبَيِّنَ لَهُمْ » ما أمره اللّه به.. فببيانه ينكشف لهم الطريق إلى اللّه، وبغير هذا البيان يظل الطريق بينهم وبين الرسول مسدودا..
ـ وفى قوله تعالى :« فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ » إشارة أخرى إلى أن هذا البيان الذي يبيّنه الرسول لقومه، ليس فيه قهر لهم، أو إلجاء واضطرار إلى الإيمان باللّه.. ذلك أن الإيمان باللّه، هو بيد اللّه، فمن شاء اللّه له الإيمان، آمن، ومن لم يشأ له أن يكون فى غير المؤمنين بقي على كفره، ولن ينفعه هذا البيان الذي بيّنه الرسول شيئا.. وذلك هو حكم اللّه فى عباده، وسنّته فى خلقه.. يبعث رسله فيهم، ويقوم الرسل بتبليغ رسالة اللّه إليهم، وكشف الطريق إلى اللّه لهم.. ومطلوب من النّاس أن يفتحوا عقولهم وقلوبهم إلى دعوة اللّه، وأن يستجيبوا لها، فمن كانوا ممن أراد اللّه لهم الهدى والإيمان، اهتدوا وآمنوا، وحسب ذلك لهم من كسبهم، ومن كانوا من أهل الكفر والضلال، جمدوا على كفرهم، وظلّوا على ضلالهم، وحسب ذلك من كسبهم أيضا..
فإذا ذهبت تسأل : ما أثر هذه الرسالات التي يحملها الرسل إلى النّاس،