ج ٧، ص : ١٦٠
لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ ».
وإذا لم يكن فى السفاهة باللسان، والتطاول بالقول، ما يقطع الرسل عن الدعوة التي يدعون بها، فليكن التهديد بالرجم، أو الطرد من الوطن..
ذلك ما قدّره الضالون المعاندون، وهذا ما عملوا له : ـ ـ « لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا ».
. هكذا يقولونها فى غير حياء، حتى لكأن الرسل غرباء عن هذه الأرض، لا حق لهم فيها مثلهم..!
ـ « أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا ».
. الملّة، الدين، والعقيدة..
وعودة الرسل إلى ملّة قومهم، إنما هو باعتبارهم خارجين عليها، بالدّين الجديد الذي يدعون إليه.. وهذا غاية فى الضلال والعناد، إذ يجيئهم الرسل بالهدى الذي يحمله الدين الجديد إليهم، فيدعون الرسل إلى أن يعودوا إلى دينهم الفاسد الذين يدينون به.!
ـ « فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ».
. وإذا كان لهؤلاء الكافرين أرض، فإن لهؤلاء الرسل ربّا.. وقد أوحى إليهم ربهم، وأخبرهم بأنه سيهلك هؤلاء الظالمين، الذين دفع بهم الظلم إلى أن يخرجوكم من أرضكم..
إنهم هم الذين سيخرجون من هذه الدنيا كلها.. إنهم لمأخوذون بنقمة اللّه، وإنهم لهالكون..!
ـ « وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ » فأنتم أيها الرسل الذين سيرثون هذه الأرض بعد هلاك هؤلاء الظالمين، الذين أرادوا إخراجكم منها..
ـ « ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ » أي إنّ ذلك الجزاء الحسن وهذا النصر العظيم، إنما هو لمن خاف مقام ربّه، وخشى بأسه، فوقّره وعظّمه، واتقى حرماته، وعظم شعائره.. والرسل من هذا فى المقام الأول، ثم من اقتفى أثرهم.


الصفحة التالية
Icon