ج ٧، ص : ١٦٤
بالكافرين من عذاب اللّه فى الآخرة.. فيسأل : أليس لهؤلاء الكافرين أعمال طيبة فى دنياهم، تخفف عنهم هذا العذاب، أو تصرفه عنهم ؟
والجواب : إن لهم أعمالا تحسب فى الأعمال الصالحة النافعة لو أنهم كانوا مؤمنين.. أما وقد عملوا هذه الأعمال وهم على الكفر باللّه، فإن كفرهم يفسد كل صالح لهم، ويخبث كل طيب كان منهم.. ذلك أنهم وقد كفروا باللّه لم يكن لهم عمل يتجهون به إلى اللّه، ويرجون به المثوبة عنده.. فبطل بهذا كل عمل لهم..
ـ وفى قوله تعالى :« مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ » ـ جمع بين الذين كفروا وأعمالهم، حيث شملهم هذا الوصف :« كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ ».
. فالذين كفروا هم وأعمالهم يوم القيامة لا يلتفت إليهم، إلا كما يلتفت إلى رماد اشتدت به الريح فى يوم عاصف.. إنهم وأعمالهم ريح خبيثة تهبّ على أهل الموقف محمّلة بهذا الرماد الثائر، الذي تتأذى به العيون، وتزكم الأنوف وتنقبض منه الصدور.. ولو جاء النظم هكذا : مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد اشتدت به الريح، فى يوم عاصف ـ لو جاء هكذا، لذهب هذا المعنى الذي كشف عنه النظم القرآنى، والذي جمع بين الكافرين وأعمالهم كما تجتمع النار ومخلفاتها من رماد!! وفى تشبيه أعمال الذين كفروا بالرّماد، دون التراب مثلا، الذي هو أكثر شىء تحمله الريح ـ فى هذا التشبيه إشارة إلى أن الأعمال التي يجدها الكافرون بيوم القيامة، هى مخلّفات تلك الأعمال التي كانوا يعدّونها من الأعمال الصالحة..
وأنها وإن كانت صالحة فى ذاتها، إلا أن كفرهم باللّه قد أكلها كما تأكل النّار الحطب، ولم يبق منها إلا هذا الرماد، الذي ذهبت به العاصفة كل مذهب..