ج ٧، ص : ١٦٨
ـ « إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ » على يد رسله وأنبيائه.. أما أنا فقد وعدتكم فأخلفتكم، ونكثت عهدى معكم، ونقضت عقدى الذي وثّقته لكم.. فذلك هو أنا، وهذا هو شأنى مع أتباعى.. وإذن فموتوا بغيظكم.. ألم يحذّركم اللّه منّى فى قوله تعالى :« أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي.. هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ » (٦٠ ـ ٦١ : يس) وفى قوله سبحانه :« يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ » (٢٧ : الأعراف) « وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ » وإن الشيطان ليس بين يديه قوة قاهرة، ملك بها أمر هؤلاء الذين أضلّهم وأوقعهم فى شباكه.. إنه أشبه بالصائد الذي ينصب شباكه للطير، ويضع فيها الحبّ فتسقط عليها، وتعلق بها، وتصبح صيدا فى يده! لقد دعاهم الشيطان إليه، وزيّن لهم الضلال وأغراهم به، فاستجابوا له، دون أن يستخدموا عقولهم التي وهبها اللّه لهم، ودون أن يستمعوا لكلمات اللّه على لسان رسله، يحذرونهم هذا العدوّ المتربص بهم، ويدعونهم إلى الفرار من وجهه، إلى حيث النجاة والسلامة، فى حمى اللّه ربّ العالمين.. فإذا كان هناك من يستحق اللوم فهو هم، لا الشيطان.. إن الشيطان يعمل لنفسه، ويؤدى رسالته فيهم.. أما هم فقد غفلوا عن أنفسهم، وباعوها لهذا العدوّ بيع السّماح.. بلا ثمن! « ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ » ـ أي ما أنا بالمستجيب لصراخكم المخفّ لنجدتكم، وكذلك أنتم، لن تستجيبوا لى، إذا استصرختكم، ولن تهبوا لخلاصى مما أنا فيه من بلاء..


الصفحة التالية
Icon