ج ٧، ص : ١٨٥
وَالنَّهارَ. وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ».
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة توعدت المشركين الذين بدّلوا نعمة اللّه كفرا، وجعلوا للّه أندادا، على حين نوهت بشأن المؤمنين، وأضافتهم إلى اللّه، وشرفتهم بالعبودية للّه ـ فجاءت هذه الآية، والآيات التي بعدها لتحدّث عن قدرة اللّه، وجلاله، وعلمه، وفضله على عباده.. من المؤمنين، والكافرين جميعا.. وفى هذا العرض مجال لأن يراجع الكافرون أنفسهم، وأن يرجعوا إلى ربهم، بعد أن يعاينوا آثار رحمته وبدائع قدرته..
على حين يزداد المؤمنون إقبالا على اللّه، واجتهادا فى العبادة..
فاللّه سبحانه، هو الذي خلق السموات والأرض وما فيهن، وهو الذي أنزل من السماء هذا الماء الذي تتدفق به الأنهار، وتتفجر منه العيون، وتحيا عليه الزروع، وما يخرج منها من ثمر وحبّ.. وهو ـ سبحانه ـ الذي سخر الفلك، وأجراها مع الماء، وسخر الأنهار لتحمل الفلك على ظهرها.. وسخر الشمس والقمر تسخيرا منتظما، لا يتخلف أبدا، وسخر الليل والنهار، على هذا النظام البديع المحكم..
والمراد بالتسخير هنا.. التذليل، والإخضاع، والانقياد.. وذلك بإخضاع هذه المخلوقات لسنن وقوانين تحكمها، وتضبط موقفها بين المخلوقات، بحيث يمكن الإنسان إخضاع هذه المخلوقات والانتفاع بها، إذا هو عرف القوانين الكونية الممسكة بها..
ـ وفى قوله تعالى :« وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ ».
. إشارة إلى أن اللّه سبحانه وتعالى، قد شمل العباد بلطفه، وأنزلهم منازل إحسانه وكرمه، فأقامهم