ج ٧، ص : ١٨٩
وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ »
هو تذكير لهؤلاء المشركين، عبّاد الأصنام من قريش، بموقف أبيهم إبراهيم من الأصنام، وأنّه ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ دعا ربّه أن يجعل هذا البلد الحرام ـ مكة ـ بلدا آمنا، مؤمنا باللّه، وأن يجنّبه أي يبعده وبنيه عن عبادة الأصنام..!
وقد استجاب اللّه سبحانه وتعالى لإبراهيم دعوته فى البلد الحرام، فجعله آمنا فى الجاهلية وفى الإسلام.. أما فى بنيه. فقد استجاب له فى بعضهم ولم يستجب فى بعض آخر.. فكان منهم فى الجاهلية حنفاء يعبدون اللّه على دين إبراهيم، كما كان منهم ـ وهم الأكثرون ـ عبّاد أصنام، مشركون باللّه.
وقد أخبر اللّه إبراهيم بأن دعوته هذه فى بنيه، ليست مجابة على إطلاقها، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ » (١٢٤ : البقرة).. فليس كلّ ذريّة إبراهيم ممن يتابعه، ويكون على دينه إلى يوم القيامة.. وإلا لكان ذلك ضمانا موثقا لكل من اتصل نسبه بإبراهيم أن يكون مؤمنا، وهذا من شأنه أن يرفع التكليف، والابتلاء، ويجعل مثل هذا الإيمان إيمان قهر وإلجاء. ليس للإنسان فيه كسب واختيار.
ثم يقول اللّه سبحانه وتعالى فى آية أخرى :« وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ » (١٢٦ : البقرة) فإبراهيم ـ عليه السلام ـ إذ يدعو ربّه بما دعاه به، يعلم هذه الحقيقة، وأنه ليس كلّ بنيه إلى يوم القيامة، ممن يهدى اللّه.. ولهذا قال :« وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ