ج ٧، ص : ١٩٥
ـ وفى قوله تعالى :« لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ » حثّ لأهل هذا الوادي وساكينه على أن يشكروا اللّه على هذا الفضل الذي ساقه إليهم، حتى اخضرّ واديهم المجدب، وأزهر وأثمر.. وذلك بأن يقيموا الصلاة، ويؤدوا ما افترض اللّه سبحانه وتعالى عليهم من فرائض، كانت الصلاة عمادها.. ولهذا اقتصر على ذكرها، تنويها بها، ورفعا لقدرها، وأنها هى الدين كلّه، فإذا ضيعها المؤمن فقد ضيع كل دينه، وإذا حفظها كان ذلك داعية له بأن يحفظ كل دينه :« إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ » (٤٥ : العنكبوت) قوله تعالى :« رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ.. »
تشير هذه الآية إلى أن تقوى للّه، وشكره، ليس بأعمال الجوارح الظاهرة وحدها، وإنما بأن يسلم الإنسان للّه وجوده كلّه، ظاهرا وباطنا، وأن يخلص له العبادة.. فاللّه سبحانه وتعالى : يعلم ما نخفى وما نعلن.. وحساب أعمالنا عنده، بما تحمل من صدق وإخلاص.. فإذا تلبس بتلك الأعمال رياء، أو نفاق، ردّت على صاحبها، وكانت وبالا عليه..
قوله تعالى :« الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ »..
هو صلاة شكر وحمد للّه، يرفعها إبراهيم لربّه، على النعمة التي أنعم بها عليه، إذ وهب له الولد بعد أن كبر، وجاوز العمر الذي يطلب فيه الولد.. فوهب اللّه له ولدين، لا ولدا واحدا، هما إسماعيل وإسحق..
وهكذا تجىء رحمة اللّه من حيث لا يحتسب الناس، ولا يقدّرون..
فهذا إبراهيم الذي بلغ من الكبر عتيّا، ولم يرزق الولد الذي