ج ٧، ص : ٢٠٤
ـ وفى قوله تعالى :« وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ » إلفات لهم إلى هذا الكفر الذي هم فيه، وهذا الضلال المشتمل عليهم.. فهل سيظلّون على صحبتهم لهذا الكفر، ومعايشتهم لهذا الضلال ؟ سنبصر ويبصرون! ـ وفى قوله تعالى :« وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ » إشارة إلى أن هذا المكر هو الذي جعلهم أعداء للّه.. يكفرون به، ويجعلون له أندادا، ويقولون فيه مقولات منكرة، تلك المقولات التي تتأذّى منها السموات والأرض، حتى لتكاد تتفطر منها رعبا وفزعا أن يصيبها شىء من غضب اللّه، الذي سينزل بأصحاب هذه الأقوال.. وفى هذا يقول اللّه تعالى :« وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً » (٨٨ ـ ٩١ : مريم).
والمشركون وإن لم يقولوا بنسب ة الولد إلى اللّه، كما قالت اليهود : عزير ابن اللّه، وكما قالت النصارى : المسيح ابن اللّه.. لكنهم قالوا : إن الملائكة بنات اللّه.. كما يقول اللّه تبارك وتعالى عنهم :« وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً.. أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ؟ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ » (١٩ : الزخرف).
قوله تعالى :« فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ » ـ هو تثبيت للنبى الكريم، وتطمين لقلبه، بأن اللّه منجز وعده إياه، وهو النصر على كل قوى الشر والعدوان، المتربصة به.. فهذا حكم للّه فيما بين رسله وأقوامهم، كما يقول سبحانه :« كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي » (٢١ : المجادلة)..
فاللّه سبحانه وتعالى « عَزِيزٌ » يغلب ولا يغلب.. « ذُو انتِقامٍ » يأخذ


الصفحة التالية
Icon