ج ٧، ص : ٢٠٦
وامتهانا.. هكذا شأن المجرمين الذين يساقون إلى ساحة المحاكمة، ليسمعوا إلى حكم القضاء فيهم!.
وليس هذا فحسب، بل إنهم ليعرضون هذا العرض المهين، عراة حفاة..
قد طليت أجسادهم بالقطران، فكان هذا القطران لباسهم الذي يراهم الناس فيه، فى هذا اليوم العظيم.. « سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ »..
وليس هذا فحسب أيضا، بل إن لهم من نار جهنم لفحات، تداعبهم بها، ضربا على وجوههم، ولطما على خدودهم :« وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ » أي تغطى وجوههم بلهيبها!.
ذلك منظر تقشعر منه الأبدان، وتنخلع منه القلوب.. تتجلى فيه نقمة للّه، حيث تنزل بالظالمين، وتأخذهم أحد عزيز مقتدر.. وما ظلمهم اللّه، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
قوله تعالى :« لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ».
هو تعليل لهذا البلاء العظيم، وهذا الهوان المهين، الذي يلقاه هؤلاء الظالمون يوم القيامة، فهذا بما كسبته أيديهم، وقد كان من عدل اللّه سبحانه أن يعاقب المذنبين الظالمين، وأن يثبت المحسنين المتقين. وهو سبحانه وتعالى يقول :
« أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ؟ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ » ؟ (٣٥ ـ ٣٦ : القلم) ـ وفى قوله تعالى :« إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ » إشارة إلى أن كثرة المحاسبين بين يدى اللّه تعالى، من محسنين ومسبئين، لا يكون منها إبطاء أو إمهال فى أن ينال كل عامل جزاء عمله، فالمحسنون يعجّل لهم جزاؤهم الحسن، حتى يسعدوا به، ويهنئوا بالعيش فيه، وحتى لا يستولى عليهم الفلق، وتهجم عليهم الوساوس، وهم فى انتظار كلمة الفصل فيهم.. وكذلك المسيئون، لن