ج ٧، ص : ٢٢٠
فلو أن الكتب السماوية السابقة، كان لها هذا الحفظ من اللّه سبحانه، لما دخلها هذا التحريف والتبديل، ومن ثمّ لم يكن للقرآن الكريم هيمنة عليها، ولم يكن ناسخا لها.. الأمر الذي أراد اللّه سبحانه وتعالى للقرآن الكريم أن يجىء له.
وثانيا : هذا التبديل والتحريف الذي أدخله أهل الكتب السابقة على كتبهم، لا يدخل منه شىء على آيات اللّه وكلماته.. كما لم يدخل شىء من ذلك على آياته الكونية، التي يغوى بها الغاوون، وينحرف بها المنحرفون..
وكما لا يدخل شىء من النقص على ذاته الكريمة، أو صفاته وكمالاته، إذا جدّف المجدفون على اللّه، ونظروا إلى ذاته وصفاته بعيون مريضة، وقلوب فاسدة، وعقول سقيمة.
قوله تعالى :« وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ، وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ».
الشّيع : جمع شيعة.. وشيعة المرء، من يجتمعون إليه من أهل وعشير..
ـ وفى قوله تعالى :« وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ » ـ إشارة إلى أن كل رسول أرسل من عند اللّه، كان مبعوثا إلى قومه الذين يعرفهم ويعرفونه.. كما يقول سبحانه :« وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ » (٤ : إبراهيم)..
ـ وفى قوله سبحانه :« وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ » مواساة كريمة للنبىّ، وتخفيف عليه، مما يلقى من قومه من عنت ومكروه..
فتلك هى سبيل الرسل مع أقوامهم.. كلها أشوك، يزرعها السفهاء والحمقى فى طريق رسل اللّه إليهم.. فليس الرسول إذا بدعا من الرسل، فيما لقى من قومه، من سفاهات وحماقات، فلقد كان إخوانه الذين سبقوه من رسل اللّه،


الصفحة التالية
Icon