ج ٧، ص : ٢٢٧
ينفع الناس، والدواب، والطير، وكلّ حىّ يشارك الإنسان الحياة على هذه الأرض..
فما أنبت اللّه سبحانه فى هذه الأرض، وما بثّ فيها من نبات، وحيوان، وجماد.. كل هذا بقدر مقدور، وبحساب موزون بميزان الحكمة، حتى يعتدل ميزان الحياة، ويكون للناس مستقر فيها ومتاع إلى حين.. ولو اختلّ هذا الميزان، بزيادة أو نقص، لما صلحت الحياة على هذه الأرض..
قوله تعالى :« وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ » ـ هو تفصيل لما أجملته الآية السابقة فى قوله تعالى :« وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ » ـ فهذا الذي تخرجه الأرض، هو مما يعيش فيه الإنسان، وتحيا عليه الأحياء الأخرى، التي لا يتولى الإنسان إطعامها.. من هوامّ، وحشرات، ووحوش، وطيور محلقة فى السماء، وأسماك سابحة فى البحار والأنهار..
وغير ذلك كثير، مما لا يعلمه إلا خالقها سبحانه وتعالى.. فهذه الكائنات كلها يرزقها اللّه سبحانه، ويقدّر لها أقواتها.
قوله تعالى :« وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ » ـ إشارة إلى أن كل شىء هو إلى اللّه سبحانه، وفى يده جلّ شأنه، وأنه ينزّل من كلّ شىء بقدر معلوم، حسب ما تقضى حكمته، مما يصلح به أمر الناس وتعمر الأرض.
قوله تعالى :« وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ ».
. أي إن من قدرة اللّه سبحانه، ومن حكمته، أن أرسل هذه الرياح، فجعلها لواقح يكون من نتائجها هذا المطر الذي ينزل من الماء.. فالريح هى التي تحمل بخار الماء، فتنقله إلى أجواء باردة فى آفاق السماء، حيث يصير سحابا..
ثم تدفع هذا السحاب، فيصطدم بعضه ببعض، ويتولد من هذا الصدام


الصفحة التالية
Icon