ج ٧، ص : ٢٤٥
وسؤال آخر.. هو :
الوصف الذي وصف به الولد الذي بشّر به إبراهيم هنا من الملائكة هو أنه غلام « عليم » ثم ذكر هذا الوصف مرة أخرى فى قوله تعالى :« فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ » (٢٨ : الذاريات) على حين أن هناك وصفا آخر لولد بشّر به إبراهيم وهو أنه غلام « حليم » كما يقول سبحانه « رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ » (١٠٠ ـ ١٠١ : الصافات)..
فما سرّ اختلاف الوصفين ؟ وما دلالة هذا الاختلاف. ؟
والجواب :
أولا : أن وصف الغلام بأنه غلام « عليم » هو وصف للولد الذي بشر به من الملائكة بعد اليأس، وهو « إسحق » عليه السلام..
وأما الوصف الذي وصف به الغلام بأنه غلام « حليم » فهو نصف لإسماعيل عليه السلام، وأنه لم يجىء بعد اليأس، وإنما جاء إجابة من اللّه سبحانه لدعوة إبراهيم إذ دعا ربّه، فقال :« رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ »..
وهذا مقام غير المقام الذي استقبل فيه البشرى بإسحاق.. فهنا يدعو دعاء الراغب الطامع، وهناك ينكر إنكار اليائس الذي انقطع طمعه فى الولد! وثانيا : أن الوصف الذي وصف به الغلام بأنه « حليم » والذي قلنا إنه وصف لإسماعيل ـ هذا الوصف، يشير إلى أن إسماعيل هو الذبيح، وأن صفة الحلم، هى الصفة التي تناسب الموقف الذي وقفه من أبيه حين قال له :
« يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى » ؟ فكان جوابه :
« يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ » (١٠٢ : الصافات).


الصفحة التالية
Icon