ج ٧، ص : ٢٦٨
التفسير :
بهذا البدء :« أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ » تبدأ هذه السورة، فيلتقى بدؤها مع ختام السورة التي قبلها، وكأنه جواب على سؤال تلوّح به الآية التي كانت ختاما للسورة السابقة..
ففى ختام سورة الحجر، كان قوله تعالى :« وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ » ـ كان هذا مثيرا لبعض الأسئلة : ما هو اليقين ؟ ومتى هو ؟ وهل يطول انتظاره ؟
وقد جاء قوله تعالى :« أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ » مجيبا على هذه الأسئلة.
فاليقين : هو أمر اللّه، وهو يوم القيامة.. وقد كان المشركون يسألون.. منكرين هذا اليوم، ومستعجلين وقوعه إن كان له وجود، وفى هذا يقول اللّه تعالى :« فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً » (٥١ : الإسراء).. ويقول سبحانه :« اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها » (١٧ ـ ١٨ : الشورى).
أما موعد هذا اليوم، فعلمه عند اللّه.. ولكنه قريب.. وهل بعيد هو ذلك اليوم الذي ينتهى فيه عمر الإنسان، ويفارق هذه الدنيا ؟ إن الموت قريب من كلّ إنسان، فقد ينتزع روحه وهو قائم، أو قاعد، أو سائر. فليس للموت نذر يقدمها بين يديه لمن انتهى أجله.. وإذن فالموت مصاحب لكل إنسان، دان منه، ممكّن من انتزاع روحه فى أي لحظة من لحظات حياته..
وإذا مات الإنسان، فقد قامت قيامته، بمعنى أنه رحل من الدنيا، دار الفناء، إلى الآخرة، دار البقاء..