ج ٧، ص : ٢٨٤
مجرد شعور بالحياة الآخرة ـ فإن قلوبهم منكرة لهذا القول الحقّ، وهم مستكبرون، فلا يلتفتون إلى داعى الحقّ الذي يدعو إلى اللّه..
قوله تعالى :« لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ » أي لا شك أن اللّه يعلم من هؤلاء المشركين ما تنطوى عليه قلوبهم المنكرة، وما يظهر على ألسنتهم وأيديهم من أفعال السوء، ومنكر القول، وأنهم سيلقون جزاء هذا المنكر الذي هم فيه.. « إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ » فلا ينزلهم اللّه سبحانه منازل رضوانه، بل يلقى بهم فى عذاب السعير..
وقوله تعالى :« وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ، قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ » هو عرض لبعض ما يعلمه اللّه سبحانه وتعالى من أمر هؤلاء المشركين، وأنهم إذا تليت عليهم آيات اللّه أعرضوا عنها، وقالوا، « إن هى إلا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ » والأساطير : جمع أسطورة، وهى ما كتب، وسطّر.. و« الأولين » الماضيين.. و« أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ » أخبارهم التي يتناقلها الناس عنهم، فيكثر فيها ـ بحكم التداول ـ التحريف، والتبديل، ويدخل عليها من الغرائب ما يجعلها من قبيل الخرافات! وهنا سؤال : كيف يقال لهم :« ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ » وهم ينكرون هذا، ولا يعترفون بأن اللّه أنزل شيئا ؟
والجواب : هو أن هذا تقرير للواقع، وإلزام لهم به، رضوا أو لم يرضوا..
إنه الحقّ.. فليقولوا فيه ما شاءوا..
ويجوز أن يكون الخطاب للمؤمنين، وفى هذا التفات إليهم، واحتفاء بهم، بإضافتهم إلى ربّهم، على حين يحرم المشركون من هذا الالتفات الكريم، من ربّ العالمين.. والمعنى : إذا قيل لهؤلاء المشركين ماذا أنزل ربكم أيها المؤمنون


الصفحة التالية
Icon