ج ٧، ص : ٢٩٠
ورحمته بهم، لأنهم نجوا من هذا البلاء.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى فيما يتحدث به أهل الجنة :« وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ » (٢٥ ـ ٢٧ : الطور) وقوله تعالى :« وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا، ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً ».
. هو فى مقابل قوله تعالى فى مساءلة الكافرين :« وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ »..
فالذين اتقوا ربّهم، عرفوا طريقهم إلى اللّه، واهتدوا إلى مواقع الهدى مما أنزل اللّه على رسوله، فحين سئلوا ماذا أنزل ربكم قالوا :« خيرا » أي أنزل ربنا خيرا كثيرا، نتزود منه زادا طيبا لدنيانا وآخرتنا :« لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ ».
. فما يتزوده المؤمن من الإيمان والتقوى، كلّه طيب، والجزاء عليه حسن فى الدنيا، ولكن ما يجده المؤمن فى الآخرة من ثواب اللّه، ونعيمه، هو الذي يعتدّ به، إذ كان خالدا باقيا، لا يقاس بالقليل منه، ما فى الدنيا كلّها من متاع وقوله تعالى :« جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ.. كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ».
. هو عطف بيان على قوله تعالى :« وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ ».
. فدار المتقين هذه، هى تلك الجنات، التي تجرى من تحتها الأنهار، لهم فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين.. خالدين فيها.
ـ وفى قوله تعالى :« كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ » تنويه بهذا الجزاء العظيم، الذي لقيه المتقون، من ربّهم، وهو جزاء لا ينال إلّا من اللّه الكريم الوهاب، لأن ما فى أيدى الناس جميعا، وما فى هذه الدنيا كلّها، يحفّ ميزانه، مع أدنى جزاء جوزى به من نالهم اللّه برحمته، وأنزلهم منازل رضوانه..
قوله تعالى :« الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ