ج ٧، ص : ٢٩٦
إلى عبادة اللّه، وإلى اجتناب الطاغوت، وترك ما هم فيه من ضلال.. « فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ».
. أي فمن هؤلاء الأقوام الذين جاءهم رسل اللّه، من هداه اللّه وشرح صدره للإيمان، فاهتدى إلى الحق، وآمن باللّه، ومنهم من حقت عليه الضلالة، أي وجب أن يكون من الضالين، إذ لم يرد اللّه سبحانه وتعالى أن يهديه، وأن يشرح صدره للإيمان.. وتلك هى مشيئة اللّه فى خلقه، مشيئة غالبة قاهرة.. ولكن لا حجّة لأحد على اللّه فيها..
وعلى الإنسان أن يسعى إلى الخير جهده، وأن يقيم وجهه على هدى اللّه..
فإن اهتدى، حمد اللّه وشكر له، وإن ضلّ وغوى، فليبك نفسه، ويؤثّم موقفه، ويسأل اللّه العافية من هذا البلاء الذي هو فيه..!
ـ وفى قوله تعالى :« فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ » ـ دعوة إلى إيقاظ تلك العقول النائمة، لتنظر عبر القرون الماضية، ولترى ما فى مصارع المكذبين برسل اللّه، من عبر وعظات..
قوله تعالى :« إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ ».
. هو عزاء للنبى الكريم، ومواساة له فى مصابه فى الضّالين المقيمين على ضلالهم من قومه.. ذلك أنه مهما حرص النبي على هداية هؤلاء الشاردين، فلن يبلغ به حرصه شيئا، فيما يريد لهم من هدى وإيمان.. إذ حقت عليهم الضلالة، وغلبت عليهم شقوتهم.. « وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً.. أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ».
. « وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ » ينصرونهم من دون اللّه، الذي ابتلاهم بما هم فيه..
قوله تعالى :« وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ.. بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ » هكذا يلجّ أهل الضلال فى ضلالهم، فيحلفون جهد أي مانهم، أي أقصى


الصفحة التالية
Icon