ج ٧، ص : ٣١٠
ـ وفى قوله :« نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ » إشارة إلى أن ما بأيدى هؤلاء المشركين من نعم اللّه، قد ضيعوا حق اللّه فيها، مما كان ينبغى أن يقدموه منها صدقة وزكاة، ابتغاء وجه اللّه، وجعلوه قربانا يتقربون به إلى هذه الأحجار المنصوبة، ويرجون الجزاء منها على ما قدموه.
ـ وفى قوله تعالى :« تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ » وعيد لهؤلاء المشركين، وأنهم مسئولون عن هذا الضلال، وذلك الافتراء، ومحاسبون على هذا المنكر حسابا عسيرا، يلقون جزاءه عذابا أليما فى نار جهنم..
وقوله تعالى :« وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ.. وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ ».
. هو بيان لوجه آخر من وجوه الضلال، التي يلبسها المشركون حالا بعد حال..
فمن ضلالاتهم أنهم يجعلون الملائكة بنات للّه.. فلم يكتفوا بأن جعلوا للّه ـ سبحانه ـ ولدا، بل جعلوه لا يلد إلا البنات، تلك المواليد التي لفظها مجتمعهم وزهد فيها، واستقبلها فى تكرّه وضيق.. وفى هذا ما يكشف عن مدى جهلهم بما للّه من كمال، وما ينبغى أن يكون له من توقير.. فلقد أساءوا القسمة مع اللّه، حين سوّوه بهم ـ ضلالا وسفها ـ فجعلوا له البنات، وجعلوا لأنفسهم « ما يشتهون » من الذكور.. وقد سفّه اللّه أحلامهم، وكشف عوار منطقهم بقوله تعالى « أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ. »
(١٩ ـ ٢٣ : النجم).. وذلك حين أطلقوا على تلك الأصنام هذه الأسماء المؤنثة، وادعوا أنها بنات اللّه..
وقوله تعالى :« وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ