ج ٧، ص : ٣١٨
قوله تعالى :« وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ »..
اختلف المفسرون، وتعددت آراؤهم فى تأويل الضمير فى قوله تعالى :« مِمَّا فِي بُطُون ِهِ »
فهذا الضمير مفرد مذكر، يعود إلى « الأنعام » والأنعام جمع، فكان مقتضى هذا أن يعود الضمير إلى الأنعام مؤنثا هكذا :« بطونها »..
إذ أن كل جمع غير عاقل، يعود عليه الضمير مفردا مؤنثا.. وقد جاء على تلك الصفة فى قوله تعالى فى سورة « المؤمنون » :« وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ » (الآيتان : ٢١ ـ ٢٢) فما تأويل هذا ؟ ولم اختلف النظم فى الآيتين، فجاء فى آية النحل هكذا :
« مِمَّا فِي بُطُونِهِ » على حين جاء فى آية « المؤمنون » :« مِمَّا فِي بُطُونِها ».
يقول المفسرون : إن الأنعام، تجىء فى اللغة بمعنى المفرد، كما تستعمل جمعا.. وقد استعملت فى آية النحل بمعنى المفرد، واستعملت فى آية « المؤمنون » الاستعمال الآخر الذي لها، وهو الجمع!! ويأتون لهذا بكثير من الشواهد اللغوية للاستعمالين..
والقول بأن « الأنعام » لفظ مفرد، مثل ثوب « أخلاق » ونطفة (أمشاج) قول متهافت لا يراد منه إلا الخروج من هذا الموقف بين يدى الآية الكريمة، وتسوية نظمها على أية صورة!! فالقرآن الكريم لم يستعمل لفظ « الأنعام » مرة واحدة بمعنى المفرد، على كثرة ما ورد فيه من ذكر هذا اللفظ فى مواضع شتى.. فمن ذلك :
« وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ ».
. (٣٠ : الحج)


الصفحة التالية
Icon