ج ٧، ص : ٣٨٨
من عدوان على حرمات اللّه، وعصيان للّه، وشرك به.. وذلك هو الخسران المبين..!
قوله تعالى :« وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ».
هو ردّ على الذين هادوا، أي اليهود، الذين كانوا من وراء المشركين، يزكّون أفعالهم المنكرة، ويقولون لهم : إن هذا الذي أنتم عليه فيما تحلّون وتحرّمون من مطاعمكم، هو الحق، وأنه من شريعة إبراهيم، وأن ما يحدثكم به محمد، هو مما يفتريه على اللّه.. فاثبتوا على ما أنتم عليه، ولا تستمعوا له..!
وقد رد اللّه عليهم سبحانه وتعالى بقوله :« قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ.. فَإِنَّهُ رِجْسٌ.. أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.. » (١٤٥ : الأنعام).. ثم كشف سبحانه وتعالى عما أخذ به اليهود من عقاب، فحرّم عليهم طيبات كانت أحلّت لهم، نكالا لهم، بسبب عدوانهم على حرمات اللّه، وافترائهم عليه.. فقال تعالى :« وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ.. ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ » (١٤٦ : الأنعام).
ففى قوله تعالى :« وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ » إلفات إلى هذا الموقف الذي وقفه اليهود من النبي، حين دعا المشركين بكلمات ربه، إلى أن يدعوا الزور الذي أدخلوه على مطاعمهم، كما ذكر اللّه لهم ذلك فى قوله تعالى :« وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ