ج ٧، ص : ٣٩٥
عليهم، فخانوا اللّه فى هذا اليوم، وجعلوه يوم لهو، وعربدة.. فجعله اللّه نقمة عليهم، وابتلاهم فيه بتحريم، صيد البحر، فلما لم يستقيموا مع هذا الأمر، ضاعف عليهم البلاء، فأمسك عنهم السمك أن يجدوه فى البحر إلا يوم السبت، وبهذا وضعهم اللّه أمام هذا البلاء، وأوقعهم فى هذا الحرج.. فإن صادوا فى يوم السبت أثموا، وإن لم يصيدوا حرموا الصيد أبدا.. وفى هذا يقول اللّه تعالى :« وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ».
. (١٦٣ : الأعراف) ولم يحتمل القوم هذا البلاء.. فاعتدوا فى السبت، وصادوا فيه ما حرم اللّه عليهم صيده.. فأخذهم اللّه بعذابه، وأوقع بهم نقمته.. فمسخهم اللّه، وألبسهم طبائع القردة، كما يقول اللّه سبحانه :« وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ، فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ».
. (٦٥ : البقرة).
وأكثر من هذا.. فإن اللّه قد حرم عليهم أن يعملوا فى هذا اليوم عملا، وأن يتحولوا إلى جمادات لا حس لها ولا شعور.. وفى هذا تقول التوراة :
« اذكر يوم السبت لتقدسه ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك لا تصنع عملا ما، أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك..
« لأن فى ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها واستراح فى اليوم السابع. لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه ».
هكذا تقول التوراة فى الأصحاح العشرين من سفر الخروج، ولكن بنى إسرائيل لم يستقيموا على هذا الأمر ولم يحتملوا الصبر على هذا التكليف، الذي لا حرج فيه.. ولا إعنات، فكثرت حوله تأويلاتهم الفاسدة، حتى أبطلوا