ج ٧، ص : ٧٩
ما فى الأرحام الآدميين جميعا ـ وهذا هو المحال ـ فأنّى لهم أن يعلموا ما فى عالم الحيوان ؟. « اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ ».
وفى إحاطة علم اللّه تعالى بالحمل الذي تحمله كل أنثى إشارة إلى نفوذ علم اللّه إلى خفايا الأمور، وأنه سبحانه يتولى هذه الأجنّة، إيجادا، وحفظا، داخل الأرحام وخارجها.
فعلم اللّه سبحانه وتعالى علم شامل، كامل، لأنه علم الخالق، المبدع، المصور.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى بعد هذا.
« عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ ».
. فذلك هو علم اللّه سبحانه، علم شامل كامل.. يعلم ما بطن وما ظهر، وما كان غائبا عن حواسنا، وما كان مشهودا لها.. فهو سبحانه « الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ » الكبير الذي وسع كرسيّه السموات والأرض، « المتعال » الذي علا بسلطانه على كل ذى سلطان، وبعلمه على كل ذى علم.
« سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ ».
فاللّه سبحانه، فى كبريائه، وفى علوّه، محيط بكل صغيرة وكبيرة فى الوجود..
يتساوى لديه فى ذلك بعيد الأمور وقريبها، خفيها وظاهرها، إذ لا قرب ولا بعد عند من احتوى الوجود كله، ولا خفاء ولا ظهور لدى من ملك الأمر جميعه :« هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ.. وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » (٣ : الحديد).
فمن أسرّ القول كمن جهر به.. اللّه يعلم سرّه، علمه لجهره :« وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » (١٣ ـ ١٤ : الملك).