ج ٧، ص : ٨٥
فكيف لا يحمدها، ولا يشكر للّه من أجلها، من كانت حياتهم معلقة بها، ووجودهم رهن بوجودها ؟ أليس ذلك ضلالا وسفها وكفرا ؟ وبلى.. إنه الضلال والسفه والكفر! ثم إذا كان الملائكة، وهم ما هم عند اللّه.. يخافون ربّهم، ويسبحون بحمده، ويشكرون له، فكيف بهؤلاء المشركين الضالّين.. لا يخشون اللّه، ولا يخافون بأسه وعقابه ؟ لقد غرّهم باللّه الغرور.. إنّهم يجادلون فى اللّه، جدال من ينكره، ويجحد نعمه، ويستخفّ ببأسه! وهو سبحانه آخذ بناصيتهم.. إنه ذو الحول والطول، شديد العقاب.. لن يفلتوا منه، ولن يخلصوا من عقابه.
« لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ »..
فى هذا تسفيه لهؤلاء السفهاء الذين يصرفون وجوههم عن اللّه، فلا يدعونه، ولا يلجئون إليه، وهو الحقّ الذي إذا دعى سمع، وإذا سئل أجاب، وأعطى.. ولكنهم يدعون من دونه من لا يسمع ولا يجيب! « وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ » (٥ : الأحقاف).
ـ وفى قوله تعالى :« لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ ».
تصوير كاشف لهذا الضلال الذي عليه هؤلاء المشركون، وهم يمدّون أيديهم إلى تلك الدّمى التي عبدوها من دون اللّه، وعلّقوا آمالهم بها، وانتظروا الخير الذي يرجونه منها.. إنهم لن ينالوا شيئا.. إنهم مع آلهتهم تلك كمن يبسط يده إلى الماء، يدعوه إليه أن ينتقل من حيث هو، حتى يبلغ فاه، ويرتوى