ج ٧، ص : ٨٧
آلهة لهم من دون اللّه، ما فيه نفع وخير، كالملائكة، وبعض الصّالحين، الذين قيل إن ودّا وسواع، ويغوث، ويعوق، كانوا من صالحى العرب، فلما ماتوا صنعوا لهم التماثيل، وأطلقوا عليها أسماءهم، ثم عبدوهم..
فالملائكة، وهؤلاء الصّالحون من عباد اللّه، ممن عبدهم الناس، أو اتخذوهم شفعاء لهم عنده ـ هم أشبه بهذا الماء، الذي فيه رىّ وحياة، وأنّ من يسلك سبيلهم، ويتأسّى بهم، ويرد موارد التقوى التي وردوها ـ يجد الرىّ لروحه، والحياة لقلبه.. ولكن المشركين لم يحسنوا التعامل معهم، والانتفاع بهم، فهلكوا، وطريق النجاة دان منهم، ماثل أمام أعينهم! قوله تعالى :« وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ »..
هو قهر للمشركين وإذلال لهم، وأنّهم من حيث لا يريدون، ولا يدرون، هم منقادون للّه، خاضعون له، إذ كانوا تحت سلطانه القاهر، وإرادته النافذة..
فهم إذ لم يعبدوا اللّه اختيارا وولاء، عبدوه كرها واضطرارا.. وأنفهم فى الرّغام، ومصيرهم إلى النار، لأنهم عصوا اللّه، وكفروا به، وأبوا أن يعطوه ولاءهم مختارين! وليس هذا شأن المشركين وحدهم.. بل إن الوجود كلّه، فى سماواته وأرضه، وما فى سماواته وأرضه، ساجد للّه، خاضع لعزته وجبروته، منقاد لإرادته ومشيئته.. فالمراد بالسجود هنا، الخضوع والانقياد « طَوْعاً وَكَرْهاً » !.
والوجود كلّه ـ ما عدا الإنسان ـ يسجد للّه، ويخضع لإرادته، وينقاد لمشيئته « طوعا » من غير تردد، إذ لم يكن فيها ـ كما نعلم ـ كائن ذو إرادة، تضعه أمام أوامر اللّه ونواهيه بين الإقدام والإحجام، وبين الامتثال،