ج ٨، ص : ٤٤١
قوله تعالى :« ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً ».
الذرية : أي النسل، الذي تناسل من نوح وأبنائه، وهى فعلية، من الذّرء، وهو الخلق.. وأصلها : ذرئية.
أي أن بنى إسرائيل هؤلاء، هم من أبناء وذرارى البقية الباقية من قوم نوح، الذين آمنوا معه، وحملوا فى السفينة، ونجوا من الغرق..
وفى وصف بنى إسرائيل بهذه الصفة إلفات لهم إلى أنهم من ذرية قوم مؤمنين، نجّاهم اللّه بإيمانهم من الغرق الذي حلّ بإخوانهم الكافرين..
وإذن، فخروج بنى إسرائيل من الإيمان الذي كان عليه آباؤهم الأولون، وعودتهم إلى الكفر الذي كان عليه إخوان آبائهم هؤلاء ـ هو تضييع لهذا الميراث الكريم الذي تركه لهم آباؤهم، ثم هو عدوان على اللّه، وتعرّض لنقمته، كما انتقم من عمومتهم، فأغرقهم واجتثّ أصولهم.
وقد نصب « ذرية » على الاختصاص، وقيل نصب بالنداء، أي يا ذرية من حمل اللّه سبحانه، مع نوح..
ـ وفى قوله تعالى :« إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً » تحريض لبنى إسرائيل على أن يلحقوا بنوح، ويتأسّوا به، ويشكروا اللّه أن بعث فيهم رسولا، وأنزل معه كتابا يهديهم ويبين لهم طريق الحق!
الآيات :(٤ ـ ٧) [سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٤ إلى ٧]
وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٥) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (٧)