ج ٨، ص : ٤٦٦
فكأنهم مأمورون بالكفر والعصيان، وإن لم يكن ثمّة أمر ولا إلزام..!
« إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ »..
وتسأل : ما الحكمة من إرسال الرسل إلى من حقّ عليهم القول ؟
والجواب، ما علمت من قوله تعالى :« وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا » وذلك لإقامة الحجة عليهم، ولإظهار مالديهم من إرادة تواجه إرادة اللّه..
وإن كانت إرادة اللّه هى الغالبة! وتسأل : ما بال هؤلاء الذين حقّ عليهم القول يعذّبون وهم مسوقون سوقا إلى قدرهم المقدور ؟
ولا جواب، إلّا أنّ هذه هى مشيئة اللّه فى عباده.. « وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ »..
ولا يسأل الخالق عما يفعل فيما خلق :« لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ » (٢٣ : الأنبياء).
وفى الإشارة إلى « المترفين » وهم أصحاب الثّراء، الذي يعيش له أهله فى فراغ وبطالة ـ يعنى أن هؤلاء المترفين لا يرجى منهم خير، ولا يطبّ لدائهم بدواء.. فهم كائنات فاسدة هازلة، لا تجدّ أبدا.. ثم هم مع هذا قدوة الناس، وقادتهم بما لهم من ثراء! ـ وقوله تعالى :« فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ »
ـ هو إشارة إلى ما قضى اللّه به فى عباده، وما حكم به على هذه القرية، من الهلاك والتدمير.. فقول اللّه : هو قضاؤه وحكمته.. وإحقاق القول : هو وقوعه، ونفاذه..
وأخذ القرية كلها بفساد المفسدين من أهل الترف فيها، إنما لأن أحدا من أهل القرية لم يضرب على أيديهم، ولم ينكر عليهم هذا المنكر، واللّه سبحانه وتعالى يقول :« وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً » (٢٥ : الأنفال).