ج ٨، ص : ٤٦٨
تعالى :« مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ » (٢٠ : الشورى).
ـ وفى قوله تعالى :« لِمَنْ نُرِيدُ » إشارة إلى أن طالبى الدنيا لم يطلبوها إلا لأن اللّه سبحانه وتعالى أرادهم لها، وجعلهم من أهلها..
ـ وقوله تعالى :« مَذْمُوماً مَدْحُوراً ».
المذموم : المنحوس الحظ، والمدحور : المخذول..
قوله تعالى :« وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ».
هو الوجه المقابل لطلاب العاجلة.. وفى هذا الوجه يظهر أولئك الذين يريدون الآخرة، ويعملون لها.. وعملهم هذا محمود طيب، يشكره اللّه سبحانه وتعالى لهم، ويجزيهم الجزاء الطيب عليه..
ـ وقوله تعالى :« وَهُوَ مُؤْمِنٌ » هو قيد وارد على العمل الذي يعمله العاملون للآخرة، حتى يكون عملا مبرورا مشكورا، وهذا القيد هو الإيمان.. فكل عمل ـ وإن كان فى أصله حسنا ـ لا يقبل عند اللّه، إلا إذا زكّاه الإيمان باللّه، وبهذا يكون العمل مرادا به اللّه، ومبتغى به مرضاته.. فيتقبله اللّه، ويجزل الثواب عليه..
قوله تعالى :« كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً »..
هو تعقيب على ما كشفت عنه الآيات السابقة من العاملين للدنيا، والعاملين للآخرة.. فهؤلاء وهؤلاء جميعا، إنما يرزقون من فضل اللّه، وينالون من عطائه.. « وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً » فهو عطاء يشمل الخلق جميعا..


الصفحة التالية
Icon