ج ٨، ص : ٤٩٢
على العقل الإنسانى، حتى يراها على كل وجه من وجوهها، وذلك زيادة فى البيان، حتى لا يكون للناس على اللّه حجة بعد هذا البيان المبين..
ـ وفى قوله تعالى :« لِيَذَّكَّرُوا » إشارة إلى الحكمة من هذا التصريف الذي جاء فى القرآن لآيات اللّه.. وذلك ليكون للناس منه عبرة وذكرى، حيث تلقاهم العبر، ناطقة الدلائل والشواهد..
ـ وفى قوله تعالى :« وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً » إشارة إلى ما فى الناس، وخاصة هؤلاء المشركين من قريش، من عناد، يعمى أبصارهم عن الحق، ويصمّ آذانهم عن الاستماع إلى آيات اللّه وكلماته.. فلا يبصرون شيئا، ولا يعقلون حديثا..
قوله تعالى :« قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا »..
فى هذه الآية ردّ على مفتريات المشركين، على اللّه، واتخاذهم آلهة يعبدونها من دونه، ويجعلونهم شركاء له، قائلين :« ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ».
فاللّه سبحانه وتعالى ـ عند المشركين ـ هو إله مع آلهة، وربّ مع أرباب، وإن كان له المقام الأول فيهم.. وهذا ما لا يجعل للّه السلطان المطلق فى هذا الوجود، بل يجعل لهذه الآلهة، وتلك الأرباب شأنا معه، كشأن الأمراء مع الملك مثلا..
الأمر الذي لا بد أن ينتهى يوما إلى منازعة وشقاق، بين هؤلاء الآلهة وبين الإله الأكبر.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا » أي لو كان مع اللّه آلهة، لتطاولت أيديهم إلى صاحب العرش، ولنازعوه السلطان، فرادى أو مجتمعين.. وهل سلم صاحب سلطان من أن ينازعه فى سلطانه من هم دونه من أمراء، ووزراء ؟ فكيف يكون مع اللّه سبحانه وتعالى