ج ٨، ص : ٥٢٣
بكم :« فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ » عنه، وأعطيتم وجوهكم لآلهتكم..
وهذا فوق أنه سفه وضلال، هو كفران وجحود.
قوله تعالى :« أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا ».
ولكن أين تذهبون ؟ إذا أنتم أمنتم جانب البحر ؟ أو تخرجون من ملك اللّه ؟ ثم أتدفعون بأس اللّه عنكم إذا جاءكم ؟ فهل تأمنون، وأنتم فى البرّ أن يرسل اللّه عليكم ريحا عاصفة، محملة بالهلاك والدمار، فتغرقكم فى الأرض، وتدفنكم فى بطنها.. فإذا كنتم قد سلمتم من الغرق فى البحر، فهل تعجز قدرة اللّه من أن تنالكم بالبلاء وأنتم على ظهر اليابسة ؟ وهل إذا وقع بكم هذا البلاء، هل هناك من يتولى دفعه عنكم ؟.
ـ وفى قوله تعالى :« جانِبَ الْبَرِّ » إشارة إلى هذا الحمى وذلك الجناب الذي يجد فيه الإنسان طمأنينة وأمنا حين يضع قدمه على اليابسة، بعد أن يترك البحر ومخاطره.. فهذا الجانب لا يعصم من أمر اللّه، ولا يردّ بأسه.
قوله تعالى :« أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً ».
وهل أمنتم، بعد أن نجاكم اللّه من الغرق وأنتم على ظهر السفين، ثم كفرتم باللّه، ولم تذكروا فضله عليكم ورحمته بكم ـ هل أمنتم أن يعيدكم إلى البحر مرة أخرى، مسوقين إليه بسلطان قدره وقدرته، ثم يرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم.. إنه انتقام من كفركم باللّه ومكركم بنعمه عليكم.. فهل إذا أغرقكم اللّه فى تلك المرّة، هل يكون لكم على اللّه حجة ؟ أليس هذا هو الجزاء العادل الذي أنتم أهل له بكفركم، وضلالكم ؟
لقد أراكم اللّه سبحانه فضله ورحمته، فأنكرتم الفضل والرحمة.. وهذا بلاؤه