ج ٨، ص : ٥٥٥
واحدة، أشبه بالمألوف المعتاد من مرّ الأمور وحلوها.
قوله تعالى :« ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً ».
هو بيان للسبب الذي من أجله أخذ هؤلاء الضالّون بما أخذوا به، من عذاب ونكال.. إنهم كفروا بآيات اللّه، وبرسول اللّه، وبما دعاهم إليه من الإيمان باللّه، وباليوم الآخر.. ولم يقع فى تصورهم أنهم يبعثون بعد الموت، وشكّوا فى قدرة اللّه أن يعيد إليهم الحياة بعد أن يموتوا ويصبحوا عظاما نخرة، ورفاتا ضائعا فى التراب.
والاستفهام هنا إنكارى، حيث ينكر المشركون البعث، ويقولون « إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ » (٢٩ : الأنعام).. بل إنهم ليقسمون على هذا قسما مؤكدا حتى يقطعوا على أنفسهم طريق النظر فى هذا الأمر أو التفكير فيه.. « وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ » (٣٨ : النحل).
قوله تعالى :« أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً ».
هو ردّ على هؤلاء المشركين الذين يكذبون بالبعث، ويقولون منكرين :
« أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً ».
. فلو أنهم كانوا على شىء من الإدراك السليم، لرأوا فى قدرة اللّه سبحانه وتعالى ما ينزهها عن العجز.. فهى قدرة قادرة على كلّ شىء.. ولو لحقها العجز عن شىء ما لما كانت من صفات الكمال الواجبة للّه.
فهذا الوجود كله فى سمائه وأرضه، هو بعض صنعة هذه القدرة.. وتلك