ج ٨، ص : ٦٣٢
والضلال، وبين اللّه والشيطان.. فانحازوا إلى جانب الشيطان وركبوا معه مركب الغواية والضلال..
قوله تعالى :« ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً » ضمير النصب فى قوله تعالى :« ما أَشْهَدْتُهُمْ » يراد به أولئك المعبودون، الذين يعبدهم المشركون من دون اللّه! فهؤلاء المعبودون أيّا كانوا، هم ممن زيّن الشيطان للنّاس عبادتهم، حيث أضلّهم، وأعمى أبصارهم، ثم دعاهم فاستجابوا له، وعبدوا من المعبودات من صوّره لهم، وأراهم فيه الإله الذي يعبدونه.. ومن هنا صح أن يكون كلّ من عبد غير اللّه، عابدا للشيطان، أصلا، وإن كان فى واقع الأمر عابدا صنما، أو إنسانا، أو ملكا.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ قالُوا سُبْحانَكَ.. أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ.. بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ » (٤٠ ـ ٤١ : سبأ).
ـ وفى قوله تعالى :« ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » تشنيع على أولئك الذين يعبدون غير اللّه، ويستجيبون لدعوة إبليس، وذريته.. فإن إبليس لم يكن هو وذريته إلا خلقا من خلق اللّه، وأنهم ليس لهم سلطان مع اللّه، فما شهدوا خلق هذا الوجود، وما فيه من سموات وأرضين، بل إنهم لم يشهدوا خلق أنفسهم.. إذ كيف يشهد المخلوق خلق نفسه ؟ وإذن فما سلطان هؤلاء المخلوقين على الناس، وهم خلق مثلهم ؟ وكيف يقبل مخلوق أن يستدلّ لمخلوق مثله، بل ويعبده، من دون اللّه ؟.
ـ وفى قوله تعالى :« وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً » عرض لإبليس