ج ٨، ص : ٧٢١
كما نجد المناسبة أيضا : بين قوله تعالى : فى آخر سورة الكهف :« قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً » وبين قوله تعالى فى مطلع سورة مريم :« وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ... »
إلى قوله تعالى :« ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ».
. فعيسى عليه السلام، ليس إلا كلمة من كلمات اللّه التي لا تنفد.. كما يقول سبحانه :
« إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ » (١٧١ : النساء).
قوله تعالى :« كهيعص ».
..
بهذه الأحرف الخمسة تبدأ السورة، وهى تكاد تكون فريدة فى هذا البدء، بذلك العدد الكثير من الحروف، لا يشاركها فى هذا إلا سورة الشورى، فقد بدأت مثلها بخمسة أحرف مرتبة على هذا النحو :« حم عسق ».
. وقد انفردت كل منهما بأربعة أحرف، واشتركتا معا فى حرف واحد هو العين.
ولا نستطيع أن نعل لهذه الكثرة من الحروف، فذلك وجه من وجوه إعجاز القرآن الذي لا يزال سرا محجبا لم ينكشف لنا. وإن يكن قد انكشف للراسخين فى العلم، فجعلوه سرا، لم يؤذن لهم البوح به! قوله تعالى :« ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا ».
ـ « ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ » « ذكر » خبر لمبتدأ محذوف تقديره، هذا، و« عبده » مفعول به للمصدر « ذكر » و« زكريا » بدل من « عبده ».
ـ ومعنى « ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ » أي : هذا خبر رحمة ربك، وألطافه بعبده زكريا..


الصفحة التالية
Icon