ج ٨، ص : ٧٥٦
لأرحم الراحمين، الذي لو شاء لمسخهم قردة وخنازير، ولو شاء لرماهم بكل داء، ولأخذ سمعهم، وأبصارهم، وسلط عليهم من الأوبئة ما يجعل أنفاسهم تتقطع أنينا وصراخا.. إلى غير ذلك مما فى قدرة اللّه، ومما رأوا منه مارأوا فى بعض الناس منهم..
فهؤلاء المجرمون ـ وتلك رحمة اللّه بهم ـ يخرجون عن طاعة الرحمن، بل ويحاربونه، بل ويستعلون على الولاء له، والانقياد لأمره..
والصّورة تمثل معركة بين هؤلاء العتاة المجرمين، وبين رحمة اللّه.. حيث تدعوهم الرحمة إلى رحابها، وتفسح لهم الطريق إليها، وهم يتأبّون عليها، ويتفلّتون منها.. فهم فى هذا أشبه بالمغالبين لرحمة اللّه، وهذا أسوأ ما يمكن أن تكون عليه حال إنسان.. من شقاء غليظ، لا تنفذ إليه فيه بارقة من رجاء فى عافية، أو خروج من بلاء..!
الآيات :(٧١ ـ ٧٢) [سورة مريم (١٩) : الآيات ٧١ إلى ٧٢]
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢)
التفسير :
قوله تعالى :« وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا ».
[جهنم.. هل يردها الناس جميعا ؟ ]
الضمير فى واردها يعود إلى جهنم، المذكورة فى قوله تعالى :« ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ».