ج ٨، ص : ٧٨٣
فتنتهم وعبادتهم العجل، وما جرى بين موسى وأخيه هرون، ثم ما جرى بين موسى والسامرىّ الذي صنع العجل، ودعا القوم إلى عبادته.
أما ذكر ميلاد موسى، وإلقائه فى الميم، وعودته إلى أمه.. فقد جاء فى أثناء القصة، تذكيرا لموسى بنعمة اللّه عليه، ورعايته له، تلك الرعاية التي نجا بها من فرعون حين أوحى اللّه إلى أم موسى أن تلقيه فى اليم، فساقه اليمّ إلى يد فرعون، الذي كان يطلب قتله!! فحفظه وربّاه، واتخذه ولدا!.
ومناسبة قصة موسى وفرعون لهذا البدء الذي بدئت به هذه السورة، هو تذكير للنبىّ ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ بما تنطوى عليه قلوب الظالمين من ظلم، وما تتلبّس بهم عقولهم من ظلام وضلال، وأنهم فى وجه الآيات المشرقة عمى لا يبصرون، وفى مواجهة الحق السافر يشهرون أسلحة الجدل والعناد، ويصطنعون مع الحق معركة، يلقون فيها بكل مالديهم من سفاهة، وسخرية واستهزاء..
فموقف موسى من فرعون، هو نفس الموقف الذي يقفه النبىّ ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ من هؤلاء الفراعين، من سادة قريش، وقادة الكفر والضلال فيهم.
وفى هذا جذب للنبىّ من دائرة الضيق والأسى، التي هو فيها، حزنا على قومه، وحسرة على أنه لم يستطع أن يطبّ لدائهم ويشفى العلل المتمكنة منهم.. إنهم ليسوا أحسن حالا من فرعون، الذي لم يستطع موسى بآياته المحسوسة، أن يشفى داءه، ويذهب بعلته.. فليمت هؤلاء الفراعين بدائهم، كما مات فرعون بدائه.. ولن يندبهم أحد، ولن يأسى على مصابهم قريب أو حبيب.
راحوا فما بكت الدنيا لمصرعهم ولا تعطّلت الأعياد والجمع