ج ٩، ص : ١٠١٢
فلا ينطقون لغوا، ولا يسمعون لغوا.. « تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »..
والصراط الحميد، هو صراط اللّه.. وقد هدوا إلى أن يحمدوه حمدا دائما متصلا، لأنه هو سبحانه المستأهل للحمد، ولأن نعمه التي أفاضها عليهم تستوجب منهم أن يلزموا هذا الصراط، ولا يحيدوا عنه لحظة..
قوله تعالى :« إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ».
خبر إن محذوف دل عليه قوله تعالى :« وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ».
. أي أن هؤلاء الذين كفروا، ولم يقفوا عند كفرهم، بل وقفوا للناس بالمرصاد، يصدونهم عن سبيل اللّه، ويحولون بينهم وبين الاتصال بالمسجد الحرام، الذي جعله اللّه مثابة للناس وأمنا، وجعل فيه للبادين ـ وهم أهل البادية ـ مثل ما للعاكفين ـ وهم المقيمون من أهل مكة ـ من حقّ فى الاتصال بهذا البيت، والطواف به، والصلاة فيه..
هؤلاء الذين كفروا، ويصدّون عن سبيل اللّه والمسجد الحرام.. هم أشنع الناس جرما، وأغلظهم إثما.. إنهم ليسوا كافرين وحسب، بل إنهم أضافوا إلى كفرهم الوقوف فى وجه المتجهين إلى اللّه، وإلى بيت اللّه ـ هؤلاء لهم عذاب مضاعف، فوق عذاب الكافرين.. أما هذا العذاب فقد عرفوا بعضا منه، وهو ما أعد للكافرين، كما بيّنه سبحانه وتعالى فى قوله :« فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ » يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ


الصفحة التالية
Icon