ج ٩، ص : ١٠٢١
بَهِيمَةِ »
.. وبأن اللّه تعالى ذكر الأيام ولم يذكر الليالى.. يقول ابن حزم فى معرض الرد على هذا :
« لأن اللّه تعالى لم يذكر فى هذه الآية ذبحا، ولا تضحية، ولا نحرا، لا فى نهار، ولا فى ليل، وإنما أمر اللّه تعالى بذكره فى تلك الأيام المعلومات..
أفترى يحرم ذكره فى لياليهن ؟ إن هذا لعجب! « ١ »
.
وحقّ لابن حزم ـ رضى اللّه عنه ـ أن يعجب، ويعجب!.
وثانيا : جاء فى آية أخرى بعد هذه الآية، أمر خاص بذكر اسم اللّه على بهيمة الأنعام هذه، التي تساق هديا للبيت الحرام، وذلك فى قوله تعالى :«وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ.. لَكُمْ فِيها خَيْرٌ.. فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ.. فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ » (الآية : ٣٦).
وهذا الأمر الخاص بذكر اسم اللّه على أنعام الهدى عند ذبحها، هو تنويه بهذه الذبائح، وإشعار بأنها قربان للّه، وأنها شعيرة من شعائر اللّه، وعمل من أعمال الحج، وأنها ليست لمجرد الأكل، وإنما هى للبّر والإحسان إلى الفقراء، حيث يطعمون من لحومها، ويشاركون أصحابها فى الأكل منها..
فليس الأمر بذكر اسم اللّه على هذه الأنعام عند نحرها، هو إنشاء لهذا الأمر، بل هو توكيد للأمر العام بذكر اللّه على ما يذبح، وأن ذكر اللّه هنا ينشىء شعورا خاصا بأن هذه الأضاحى ليست ملكا خاصا لأصحابها، وإنما هى قسمة بينهم وبين الفقراء!.
_________
(١) المحلى : الجزء السابع ص ٤٤٦. [.....]


الصفحة التالية
Icon