ج ٩، ص : ١٠٢٣
وهم فى ضيافة بيته المحرّم.. وهذا مما لا يمكن تحصيله إذا وقع الذبح بعد هذا اليوم، حيث يتفرق الحجيج، ويأخذ كل طريقه إلى العودة من حيث أتى..
ثم من جهة أخرى نرى أعمال الحج كلها تجرى فى صورة جماعية.. وليس هناك من حكمة ظاهرة فى إفراد الهدى بهذا التحلل من قيد الجماعية فى الوقت الذي يذبح فيه! هذا، وربّما فهم بعضهم من قوله تعالى :« لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ » على أن « اسم الله » لا يذكر إلا عند الذبح، أما الذكر بمعناه المطلق، فهو ذكر اللّه مثل قوله تعالى :« فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً » (٢٠٠ : البقرة) وقوله تعالى :« وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » (١٠ : الجمعة) وقوله سبحانه :« وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ » (٣٥ : الأحزاب).. فحيث أريد ذكر اللّه، أي تسبيحه وحمده لم تقرن به به كلمة « اسم » على حين أن كلمة « اسم » قد جاءت مع لفظ الجلالة عند إرادة تزكية الحيوان وذبحه، كما فى قوله تعالى :« فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ » (١١٨ ـ ١١٩ :
الأنعام) وقوله تعالى :« وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ » (١٢١ : الأنعام).
نقول : لعل هذا هو الذي جعل أكثر المفسّرين والفقهاء يخصصون ذكر اسم اللّه فى آية الحج بالذكر على بهيمة الأنعام عند الذبح.
ونقول : إن اقتران كلمة « اسم » بلفظ الجلالة هكذا :« اسم الله » لا ينهض دليلا على اختصاص ذكر اسم اللّه بذبح الحيوان.. فقد جاء فى آيات أخرى، الدعوة إلى ذكر اللّه، مقترنة بلفظ « اسم » كما فى قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon