ج ٩، ص : ١٠٢٨
منها.. وهذا المحرّم هو من حرمات اللّه الواجب تعظيمها، وتوقى الاستخفاف بها، والدنوّ منها..
وما يتلى، هو ما ذكر فى كتاب اللّه من البهائم المحرمة، وهى التي جاءت فى قوله تعالى :« حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ.. ذلِكُمْ فِسْقٌ » (٣ : المائدة). وهذا يعنى أن هذه الآية نزلت بعد آية الحج.. وهذا هو الثابت من تاريخ النزول القرآنى.. إذ كانت المائدة من آخر سور القرآن الكريم نزولا.
وقوله تعالى :« فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ » الرّجس : الدّنس والقذر.
والأوثان : الأصنام ونحوها، مما يشكّل ويصوّر، من جمادات، ليعبد من دون اللّه.. و« من » فى قوله تعالى :« مِنَ الْأَوْثانِ » بيانية.. أي فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان.. فهى كلها رجس وخبث، وقذر، ولا ينضح منها إلا ما هو رجس وخبث وقذر.
وقوله تعالى :« وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ».
الزور : هو الباطل من القول، والخارج على الحقّ.. وسمّى زورا، لأن الصدور السليمة تزورّ به، وتضيق بحمله.. ولا تتسع له الصّدور المريضة، والنفوس السقيمة.
وفى قرن « الزُّورِ » بالأوثان، إشارة إلى شناعته، وإلى أنه مأثم غليظ، يعادل الشرك باللّه.. بل إن الشرك نفسه هو ثمرة فاسدة من ثمار الزور..
إذ الشرك فى صميمه، افتراء على اللّه، وتزيين للباطل، وتزويق للزور.
وهذا ما وصف به المشركون فى موقفهم من رسول اللّه صلى اللّه عليه


الصفحة التالية
Icon