ج ٩، ص : ١٠٣٥
« لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ».
الضمير فى « فِيها » يعود إلى قوله تعالى :« ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ » على اعتبار أن من هذه الشعائر بهيمة الأنعام، المساقة هديا إلى بيت اللّه..
والمعنى، أن ما يساق إلى البيت الحرام من هدى، هو أمانة فى أيدى أصحابه، وأن لهم أن ينتفعوا به الانتفاع الذي لا يسوءه ولا يتضرر منه.. كالانتفاع بلبنه مثلا..
وفى قوله تعالى :« ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ » تذكرة بالجهة التي سيهدى إليها هذا الهدى، وأن ذلك من شأنه أن يجعل لهذا الهدى حرمة ورعاية خاصة.. إذ كان آخذا طريقه إلى بيت اللّه، مع الآخذين طريقهم إليه، فله حرمة ينبغى أن تؤدّى، وله ذمام يجب أن يرعى.. فهو بعض وفد اللّه إلى، بيت اللّه!! وسمّى البيت الحرام بالبيت العتيق، لأنه أول بيت وضع للناس، كما يقول سبحانه وتعالى :« إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ ».
. فهذه الأولية، هى فى مقام الإحسان والخير، سبق له خطره وقدره.. فكلمة عتيق هنا تضاهى كلمة « عريق »، أي هو عريق وقديم فى مقام الخير والإحسان.. فكما سبق السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار إلى الإسلام، واستحقوا بهذا السبق ما خصّهم اللّه سبحانه وتعالى به من فضل وإحسانه.. فكذلك هذا البيت، إذ كان أول بيت للّه على هذه الأرض، فقد استحق أن يكون أكرم بيوت اللّه على اللّه، وأولاها بالإجلال، والاحتفاء.. من عباد اللّه


الصفحة التالية
Icon