ج ٩، ص : ١٠٤٧
بالنصر فى قوله تعالى :« وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ »..
فالذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، وهم المهاجرون ـ هم الذين وعدوا بالنصر، لأنهم نصروا اللّه، فخرجوا من ديارهم وأموالهم، مهاجرين بدينهم الذي هو كل حظهم من هذه الدنيا، والذي باعوا من أجله أنفسهم وأموالهم وديارهم وأوطانهم..
وقوله تعالى :« الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ » ـ هو عرض للصورة الكريمة التي سيكون عليها هؤلاء المؤمنون الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، وذلك حين ينصرهم اللّه، ويمكّن لهم فى الأرض، وتكون لهم القوة والغلب..
إنهم ـ مع ما ملكت أيديهم من قوة، وما مكّن اللّه سبحانه وتعالى لهم فى الأرض من سلطان ـ لن يكونوا على شاكلة هؤلاء الضالّين الذين كانت إلى أيديهم القوة والسلطان، فتسلطوا على عباد اللّه، ورهقوهم، وأخذوهم بالبأساء والضراء، وأخرجوهم من ديارهم بغير حق..
إن هؤلاء المؤمنين، حين يمكّن اللّه لهم فى الأرض، سيكونون مصابيح هدى، وينابيع رحمة، للإنسانية كلها، بما يقيمون فيها من موازين الحق، والعدل، وما يغرسون فى آفاقها من مغارس الخير والإحسان.. إنهم يقيمون الصلاة، ليستمدوا منها أمداد الهدى من اللّه.. ويؤتون الزكاة، فيكشفون بها الضرّ عن عباد اللّه.. ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.. فيصلحون بهذا من سلوك الناس، ويقيمون لهم طرقهم مستقيمة، فلا تتصادم منازعهم، ولا تفسد مشاربهم..
وقد صدق اللّه وعده، ومكن سبحانه وتعالى للمؤمنين فى الأرض، فكانوا أعلام هدى، وآيات رحمة، وموازين عدل وإحسان بين الناس..