ج ٩، ص : ١١٥٠
فالإيمان باللّه، هو المعتصم، ولا معتصم غيره، إذا استمسك به الإنسان فقد ضمن النجاة والفلاح.. « وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » (١٠١ : آل عمران) وقد روينا من قبل حديثا عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم، فى شأن ثقيف، حين دعيت إلى الإسلام، فقبلته، ولكنها اشترطت ألا تؤدى الزكاة، ولا تجاهد فى سبيل اللّه..
وحين عرض على النبىّ ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ إسلامهم هذا، قبله منهم، وقال صلوات اللّه وسلامه عليه :« سيتصدقون ويجاهدون فى سبيل اللّه إذا أسلموا »..
قوله تعالى :« وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها.. وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.. »
هو تطمين لقلوب هؤلاء المؤمنين، الذين ملأت الخشية قلوبهم، واستولى الخوف من اللّه عليهم، حتى لقد كاد ذلك يكون وسواسا دائما يعيش معهم.. فجاء قوله تعالى :« وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها » ليخفف عن المؤمنين باللّه هذا الشعور الضاغط عليهم، وليريهم من رحمة اللّه ما تقرّ به عيونهم، وتطمئن به قلوبهم، وذلك لأن اللّه سبحانه :« لا يكلف نفسا إلا وسعها » وحسب المؤمن باللّه أن يأتى من الطاعات ما تتسع له نفسه، ويحتمله جهده.. واللّه سبحانه وتعالى يقول :« فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ » (١٦ : التغابن).
وقوله تعالى :« وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ ».
. المراد بالكتاب هنا، هو الكتاب الذي تسجّل فيه الأعمال، لكل عامل فى هذه الدنيا، من حسن أو سىء.. كما يقول سبحانه :« هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ


الصفحة التالية
Icon