ج ٩، ص : ١١٩٩
ما يتصل منها بالحدود ـ لم يجىء بها القرآن الكريم فى صدر السور القرآنية، وإنما جاء بها بين ثنايا الآيات، حيث يمهد لها بآيات قبلها، ثم يعقب عليها بآيات بعدها.. وبهذا يجىء الحكم الشرعي وبين يديه ومن خلفه ما يدعمه، ويوضحه.
فقوله تعالى :« سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ »..
هو أشبه بالموسيقى، التي تتقدم موكب المجاهدين فى سبيل اللّه، المتجهين إلى غزو مواقع الكفر والضلال، إذ أن الآيات التي جاءت بعد هذا المطلع، هى فى الواقع أقرب شىء إلى أن تكون بعثا من جند السماء، يحمل الهدى والنور إلى هذه المواطن المظلمة من المجتمع الإسلامى، فيبدد ظلامها، ويكشف للأبصار والبصائر، الطريق المستقيم إلى مرضاة اللّه! وثانيهما : تسميتها بسورة « النور ».
. على اعتبار أن أسماء السور توقيفى، وهو الرأى الراجح عندنا..
لم سميت بهذا الاسم ؟
والجواب ـ واللّه أعلم ـ أن ذلك :
أولا : لأنها جاءت بآيات كشفت ظلاما كثيفا، كان قد انعقد فى سماء المسلمين قبل أن تنزل هذه السورة، وتنزل معها هذه الآيات.. وذلك أن السيدة عائشة رضى اللّه عنها، كانت فى تلك الفترة موضع اتهام على ألسنة المشركين والمنافقين، وقد أوذى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من هذا الحديث المفترى، كما أوذيت زوجه رضى اللّه عنها، وأوذى المسلمون بهذا الذي طاف حول بيت النبوة من غبار تلك التهمة المفتراة.. فلما نزلت الآيات التي تبرّئ البريئة الصدّيقة بنت الصديق ـ انقشع هذا الظلام، وكشف النور السماوي، عن وجوه المنافقين المفترين..