ج ٩، ص : ١٢٠٩
وهذا الجلد.. غير منكور ما فيه من استخفاف بإنسانية الإنسان، وامتهان لكرامته، وإسقاط لمروءته! نعم.. إن الإسلام يأخذ هذا « الإنسان! » بكل هذا التجريم والتجريح، فى مقابل جنايته تلك التي جناها على المجتمع..
وكيف يرعى الإسلام، حرمة فرد ـ رجلا كان أو امرأة ـ لم يرع إنسانيته، ولم يحفل بمروءته ؟
وكيف يقبل منه هذا العدوان الصارخ على المجتمع، وهذا التحدّى المجنون لحرمة الجماعة وحيائها، دون أن يذيقه من الكأس التي سقى منها مجتمعا كاملا ؟ وكيف لا يلبسه هذا الثوب من المذلة والهوان والاستخفاف، وقد ألبس هو المجتمع هذه الملابس جميعها ؟
إن أقلّ ما ينبغى أن ينال مقترقى هذا الإثم ـ فى علانية وفى غير مبالاة ـ هو أن يكون العقاب المسلط عليهما قائما على العلانية، وعدم المبالاة بهما.
أما المحصنون الذين يضبطهم المجتمع على تلك الحال، ويقيم الشهادة عليهم، فقد نزلوا دركات بعيدة عن هذا المستوي المنحط الذي نزل إليه غير المحصنين، إذ لا يجدون عند اللّه، ولا عند الناس شيئا من العذر الذي قد يقوم لغير المحصنين.. ولهذا كان عقابهم أن يدفنوا فى هذه الحفرة التي حفروها لأنفسهم، وأن يقذفهم المجتمع بالأحجار التي قذفوه بها، حتى تزهق أرواحهم.
إن جريمة الزنا، لا يلقاها الإسلام بهذا العقاب الدنيوي الراصد الزاجر، إلا حين تتحول عند مرتكبيها إلى عمل غير منكر، فيأتيه من يأتيه منهم،